Monday, September 26, 2011

قل يا أيها المطبلون لا أكتب ماتكتبون



اختلفت مع صاحبي كثيرا قبل الشروع في الكتابة في هذا الموضوع، واختلافنا كان حميدا ليس لأننا نشترك في الهدف وحسب بل ولأننا سننتج من مسارين مختلفين لذات الهدف.
لقد قال لي صاحبي يا هذا يا من أعطي قلما خاطا ولسانا حادا ترفع عن هؤلاء السوقة الذين بالكاد يفهمون ما يقولون ويعلمون أنهم في ضلالهم يعمهون، قلت تالله لأفضحنهم ولأردنهم مهزومين مكسورين وعلى أعقابهم صاغرين.
قال إذا لقد أعطيتهم مقدارا يفوق شأنهم ويعلي منزلتهم!
قلت لقد استفحل الداء في عقول الجهلاء من سم هؤلاء الحمقى والعملاء، وإن كنت أنت لا تشعر به لأنك آمنت بكفر الحكومة وظلم النظام فوقر في صدرك؛ فإن في البلاد وبين العباد من لم يؤمن بكفرها حتى الآن ولم يبرأ من عملاءها ورموزها وهو في شك من أمره مريب، ومع قلة هؤلاء إلا أنني رأيت الإنتصار لهم وتنبيههم عمّا يفعل الظالمون ويكتب المبطلون المطبلون.
قال شأنك.

أيها الناس يا أهل النجدة والبأس هؤلاء الذين يغرونكم بالأماني الحسان في مقالاتهم الطوال، ويعدونكم بالخير العميم في كل محفل هزيل، الذين قالوا لكم انتظروا برهة فالحكومة جادة في أمر الإصلاح والسعي نحو الرباح وهاهو الخير في الآفاق قد أقبل ولاح.
ولقد علمتم أيها الناس أنهم أهل كلام وقيل وقال، لا يجاوزون القول إلى الأفعال وإلا فأسألوهم أين الأموال الموعودة والثروات العميمة والمعادن النفيسة والأسماك والموارد والخيرات، أين هي عنا نحن أهلها، أين هذا الذي تتحدثون عنه وتعدوننا به؟ وما يعدونكم إلا كذبا وغرورا أيها الناس.
فالأموال أموالكم قد حازوها لهم ولبنيهم من بعدهم وأودعوها بنوك العالم العلوي، والثروات منهوبة مسلوبة مسروقة يضحكون عليكم كلّما اكتشف مكمن نفط جديد أن الوعود ستنجز وأن الآمال ستتحقق فإذا بلاشيء يحدث، وأما المعادن النفيسة والأحجار الغالية الثمينة فلقد علمتم شأنها أنكم لم تنالوا ولن تنالوا منها إلا الغبار والأمراض والسموم والأوبئة، وما الموارد والأسماك والزراعة والغلات بأفضل حالا، لقد نافسوكم في أرزاقكم قبل أن يقطعوها عليكم ودمروا بحركم وأمحلوا آباركم وأفلاجكم فلا غلات ولا خيرات بل زيف وبهتان وخداع واحتيال.

وما أن بدأتم تسلكون الطريق الصحيح والدرب القويم في استرجاع حقوقكم وانتزاع ثرواتكم والعيش بحرية وكرامة حتى خافوا على أنفسهم منكم، نعم خافوا على سلطانهم ومناصبهم وأموالهم وما سرقت أيمانهم وشمائلهم، فأسرعوا إلى القتل والترويع، والقمع والترهيب، وللباطل كرة لا يقوى على غيرها فهم لو أكملوا النهج السابق، لكانوا اليوم في خبر كان مع زين الهاربين في أسفل سافلين، لكنهم مع ذلك عمدوا إلى الخداع والمكروالإحتيال؛ فوعدوكم خيرا وأجزلوا لكم العطاء في البدء، وضُحي بكبار الفاسدين المرتشين، وقالوا لكم هانحن إلى ربنا تائبين ولرضاكم طالبين فعودوا إلى بيوتكم منصورين وسنكمل الإصلاح والتطوير.

أيها الناس أو حسبتم أنهم لم يتعلموا من أخطاءهم السابقة ولم يعوا سبب خروج تلك الجموع الغاضبة؟ بلا فعلوا، ولكن ليس لأجلكم ولإصلاح منهجهم المعوّج وحكومتهم الرعناء بل لأجل مجابهتكم إذا ما ثرتم من جديد وانتفضتكم لحقكم القويم، ولأجل الوقاية من هذا.
فلأجل هذا عمدوا أولا إلى نهج الوقاية وعلموا أن الهجوم أفضل الدفاع، فهاجموا أهل الريادة والإصلاح وجندّوا لهذا أقلاما زائفة ونفوسا مريضة حتى تخدركم بكلامها المعسول عن حقوقكم أو عن العودة للإنتفاضة مرة أخرى لأجلها، فقالوا عمن يريد الإصلاح مخرب ومندس وعميل، وليتهم اتبعوا اسلوبا آخر يصعب كشفه لكنهم ولجهلهم المدقع وغبائهم المستفحل، رددوا ذات النعيق الذي نعقته غربان تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين من أعمدة الفساد، فما أجهلهم وأكسد بضاعتهم.

وقالوا لكم الصبر الصبر على الحكومة فهي جادة في الإصلاح والسعي إلى الفلاح، ليثبطوا عزائمكم ويوهنوا إراداتكم، وفي ذات الآن عمدت الحكومة إلى القمع وتكميم الأفواه بإسم العدالة والقانون كما زينه كتابها الخائبون، فسجنت دعاة الحرية والإصلاح، ومنعت كل حديث عن الحق والعدالة، وقمعت وحبست كل من يريد أن ينشر في خير البلد مقالا أو يحقق عن فسادا وينشر كتابا. وسلطت مع هذا أقلامها المأجورة لتعينها في إقناعكم أيها الناس أنها تقمعكم لمصلحتكم وتضربكم لتطويركم وتسجنكم للتأدبوا وتصادر حرياتكم حتى لا تشغلكم عن كسب الرزق الذي غرتكم به.
هؤلاء هم أبواق الحكومة السلطانية أيها الناس فاحذروهم واعلموا أنهم يمكرون ليحتالوا عليكم فلا تتبعوا ما يقولون ولا تصدقوا ما به ينعقون ولا تصفوا أهل الحق والصلاح بما به يصفون ولا تعيرونهم أذنا ولا تسمعوا لهم صوتا، ولا تقربوهم من بيوتكم ولا تدنوهم من أبنائكم فيفسدونهم، هذا حتى يتركوا ما يعبدون ويتوبوا مما يقولون ويكتبون.

وهذا مقالي أيها المطبلون فأنا لا أكتب ما تكتبون.

No comments:

Post a Comment