Sunday, October 9, 2011

البغال والحمير .... وأشياء أخرى من ضمنها آل مكتوم

عبارات دلالية:حيوان حمار جحش بغل برذون حصان فرس جمل بعير ناقة بقرة .... وقنفذ أيضا في جحرما بين الحروف.
ورد في الأثر: لقي ابن أبي عتيق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها على بغلة. فقال: إلى أين يا أماه ؟ فقالت له: أصلح بين حيين تقاتلا، فقال: عزمت عليك إلا ما رجعت، فما غسلنا أيدينا من يوم الجمل حتى نرجع إلى يوم البغلة.



الحديث عن الحمير والبغال ومنظومة الدواب العربية أو المرتبطة والمقترنة بالثقافة العربية حديث ذو شجون، ومنذ مدة طويلة وأنا أرغب بتشريف كتاباتي بالحديث عن الحمير وبني عمومتها. حتى لاحت الفرصة فجأة هكذا مثلما تكون ليلة نائما وتحس بهواء ساخن متقطع يندفع باتجاه صدغك فتستيقظ لتنظر فإذا هو حمار يشتم رأسك لعله يجده صالحا للأكل.
هكذا فجأة خطرت الفكرة في رأسي – وهذا أمر خارق للعادة – فبينما كنت أستمع بالإكراه لإحدى تقليعات محمد بن راشد – مجازا شعر-  يلقيه علي زميلي الأقل حمقا مني قليلا، كنت في نفس الآن أطالع خبرعفى عليه الزمن في أرشيف إحدى الصحف – لا تصدر بالسلطنة طبعا- عن افتتاح محمد بن راشد لمضمار "ميدان" لسباق البغال وتسليمه صاحب البغل الفائز أثمن جائزة عرفتها الدواب منذ فجر تأريخها ومنذ انشقاق الحافريات عن الثدييات.
ولا أخفيكم أنه كان لوقعة الجحش أو الجمل الثانية في القاهرة دور بارز في إذكاء هذا الشعور العارم!
ولأني كما أخبرتكم كنت راغبا في الكتابة عن هذه الحيوانات المملؤة بها الثقافة والتراث العربيين، ولم أكن أعرف جيدا كيف يمكنني أن أدخل هذه الحيوانات الكريمة الأصيلة في موضوع عن حيوانات لا أصل ولا كرامة لها- أو بالأحرى لبعضها الآن-.
إذا لا يمكن أن أتحدث عنها هي فقط وخصوصاً كوني غير مختص بعلم الحيوان!
وكون أن الحضارة الإسلامية حافلة بذكر هذه الحيوانات في كل جوانبها الثقافية – في القرآن: سورة البقرة، سورة العاديات، الخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة،..الخ من المواضع والتسميات والرموز، والشعراء العرب كانوا يخصصون جزءا من قصائدهم إن لم يكن جلّها في وصف خيولهم وجمالهم، وكثيرا منهم من استبدل النسيب وبكاء الديار والأطلال التي عفت بالتفصيل في وصف فرسه أو ناقته بل وحتى الحمر والبقر الوحشية، لذا  فقد أعطاني هذا دافعا ثالثا للغوص في الموضوع.
امرؤ القيس الكندي:
وَأَركَبُ في الرَوعِ خَيفانَةً**** كَسى وَجهَها سَعَفٌ مُنتَشِر
لَها حافِرٌ مِثلُ قَعبِ الوَليدِ****رُكِّبَ فيهِ وَظيفٌ عَجِز
لَها ثُنَنٌ كَخَوافي العُقا****بِ سودٌ يَفينَ إِذا تَزبَئِر
وَساقانِ كَعباهُما أَصمَعانِ****لَحمُ حِماتَيهِما مُنبَتِر
لها عَجُز كصَفاة المسي****ل أبرز عنها حجاف مُضر
لها ذنب مثل ذيل العروس****تسد به فرجها من دُبُر
لها متنتان خظاتا كما****أكَب على ساعدِيه النمرِ
وسالفة كسُحوق الليا****ن أضرمَ فيها الغويُّ السُّعُر
لها غُدَر كقرون النسا****ء رُكّبن في يوم ريح وصرِ
وعين كعين بغيّ النسا****ء نجلاء اسفلُها منستر
لها جبهة كسراة المِجنّ****حذفه الصانع المقتدر
لها منخر كوِجار الضبا****ع منه تُريح إذا تنبهر
وعين لها حَدْرة بَدرة **** شقت مآقيهما من أخر
إذا أقبلت قلت دُباءة****من الخُضر مغموسة في الغُدُر
وان أدبرت قلت أُثفيَّة****ململمة ليس فيها أُثُر
وان أعرضت قلتُ سرعوفة****لها ذنب خلفها مُسبَطر
وللسوط فيها مجال كما****تنزلَ ذو بَرَدٍ منهمر
لها وَثبات كوثب الظِباءِ****فواد خِطاءٌ ووادٍ مُطِر
وتعدو كعدو نجاة الظِبا****ء أفزعها الحاذف المقتدر
وهذه القصيدة هي أعظم ما قاله شاعر عربي في وصف فرس.
 والجمال هي الأخرى قيل فيها الكثير، ولم يقصر الشعراء نظمهم عن الحمير والبغال والبراذين وحتى البقر والأنعام وخوف الإعراض عن الموضوع لأطلت وأسهبت وألصقت لكم الكثير هنا ولكن فلنوجز أفضل.
 وخلد اسم الجمل في واحدة من أوائل نكسات المسلمين الكبرى وهي معركة الجمل ويوم ذاك كان الجمل – جمل عائشة- محط ساحة الحرب ومركز جحيمها قتل تحته 20 ألف إنسان، حتى أضحى هودجها على ظهره كالقنفذ من كثرة السهام عليه، وكادت ضبة تفنى قاطبة دونه- الجمل- ولكن تدورك الأمر وعقر الجمل يومها وأنفضت القبائل عنه.
والعرب في كلامها اشتقت كثير من الكلمات والأفعال من "علم البعير" وليس أدل على ذلك من اشتقاق كلمة " العقل" وهو اسم لأعظم شيء قد يحضى به كائن بشري – غير عماني - من قول العرب –قديما- " عقلت الناقة" إذ منعتها من السير.
والجاحظ وهو واحد من أعظم المفكرين والعلماء المسلمين على الإطلاق ألف كتابا اسماه الحيوان أفاض فيه في الحديث عن البغال وسائر البهائم والحيوان.
بل إن بحرا شعريا لقب بحمار الشعراء كناية عن سهولة البناء فيه كسهولة ركوب الحمار ويسر ذلك.
بعد علمي بكل هذا كان لا بد إذا ما أردت الخوض في موضوع يخص الجحش وأقاربه أن أرتقي بفكري وأدبي ولساني إلى مستوى يرقى إلى وصف هذه الحيوانات ويقدر مكانتها.
ولأن رياحنا إذا هبت فعلينا باغتنامها لذا فقد أزفت المناسبة من أخبار القطر الخليجي المرتبك.
والمناسبة طبعا مرتبطة ببلاهة محمد بن راشد المذكور أعلاه وسخافة أتباعه ومقلديه من أمراء الإمارات – وبعد أن انتقل المرض إلى بقية بلدان الخليج – وحكام الخليج وشيوخه السياسيين.
صدقوني أنني الغبي الأحمق العديم الوزن والفائدة أشعر بالخجل والإحراج أمام العالم وهم يشاهدون ويسمعون أو يقرأون هذه الترهات البغلانية من سباقات تحمل إلى سباقات قفز إلى سباقات جَمَال إلى سباقات أكبر ضرع ناقة إلى...... وخصوصا ما ظهر مؤخرا من سباقات التحدي وانتشارها ومباهاة كل أمير بترول للآخر بثمن جائزته لأصحاب البغال الفائزة.
ولكن يبدو أن هناك ارتباط ما بين طريقة التفكير العربية وبين هذه الحيوانات الودودة، لا أدري كنهه حقيقة!
قيل لمجنون بصري: عد لنا مجانين البصرة. فقال: كلفتموني شططاً، أنا على عد عقلائهم أقدر. ومن أين عساه يجد هذا المجنون العاقل عقلاء ليعدهم لو عاش في هذا الزمان وسئل أن يعد مجانين البترول؟!!
قبل فترة قامت اليونيسيف مناصفة مع منظمات حقوق الإنسان والطفل بشكل خاص بإجبار حكام البترول ومنعهم من تنظيم سباقات البعران التي يمتطيها الأطفال الصغار، والأزمة تداعت كثيرا بعد حملة مكثفة ضد أنشط أصحاب البغال والبعران في الخليج وهو محمد بن راشد حيث اتهمه العشرات باختطاف الأطفال الرضع من أمهاتهم ليصبحوا فرسان وجمّالين في اليوم التالي ورفعوا ضده قضية في إحدى المحاكم الأمريكية!
المهم تم منع ركوب الأطفال للجمال واستبدلوا بأجهزة آلية توضع على ظهور الجمال في الخليج بأكمله.
كان الأمر قد بدأ بالتدرج لأن الموضوع تحول من منافسة ورياضة إلى سباق استحواذ على المال وشيئ آخر هكذا أراده حكام البترول وهذا الشيء الأخير لسان حال المعنيين به يقول:" قل لي أين بعيرك أقل لك من تكون".
وظهرت أيضا في ارتخاء – وفي رواية انحطاط- آخر مسابقات جمال الخيول ومزاين الجمال وغيرها، وهذا يعني وبكل تأكيد أن هؤلاء الأمراء والسلاطين والملوك يريدون الوصول إلى المجد والشهرة عبر هذه الحيوانات الوديعة مستغلين قدراتها وجمالها ومهاراتها المتنوعة. وهم معذورون من جهة ما؛ فالذي يتمعن في مستواهم العقلي والأدبي والأخلاقي يتفهم هذا الإتجاه فيعرف أنهم يتمترسون بهذا المجد لأنهم عدموا كل الوسائل الإعتيادية والطبيعية للشهرة والمجد رغم كونهم حكام وأصحاب ثروات فباتوا يرومون المجد بالتسلق على ظهور بغالهم.
عشرات الملايين من الدولارات سنويا يصرفها حكام الخليج على هذه المسابقات وفعالياتها المتعلقة والمرتبطة بها.
وهو مبلغ غير دقيق تماما بسبب كثرة هذه الفعاليات ومناشطها وما يتعلق بها حتى صعب إحصائها. ويدخل ضمن هذه المبالغ كل تلك الأموال التي تصرف على إنشاء ميادين السباقات وحلبات المنافسة، في نفس الوقت الذي يتمنى فيه آلاف العرب في الخليج أن تنعم قراهم بشوارع معبدة فحق لهم أن يحسدوا الخيول والجمال على حلبات وميادين سباقها الراقية الفخمة.
لم تكن تطمح هذه الحيوانات الرائعة أن تحصل على رعاية واهتمام مثل هذا عبر تأريخها كله حتى فاقت هذه الرعاية والإهتمام ما توليه الحكومات الخليجية شعوبها " البشر" . وهذا طبعا حسدا مني أنا "البشري"- وبني آدم حساد لبعضهم فكيف لغيرهم-؟  للمكانة التي رقيت إليها هذه الحيوانات.
ومن الدلائل الأخرى على علو منزلة ومكانة هذه الحيوانات حديثا عند العرب والبتروليين منهم خصوصا تلك الحادثة الغريبة عندما بدأ يشتم حصان أحد الأمراء فرس أمير من إمارة أخرى ويطاردها غصبا عن فارسه الذي لم يستطع كبح جماحه كليا حتى أراد أن يعلوها وعلى ظهرها فارسها الأمير الآخر، مما اعتبره هذا الأخير إهانة لا تغتفر وإعلان حرب من نوع خاص، فنشأت على إثرها أزمة سياسية على كافة الأصعدة ولولا كون صاحب الحصان أمير صغير من إمارة صغيرة ولولا أنه سارع وبقية عائلته للإعتذار على محاولة الحصان ...... لحدث مالا يحمد عقباه، وربما كانت قامت حرب برذونية عابرة للإمارات.
وبالأمس القريب وعندما عجزت مدرعات مبارك الرئيس المصري المخلوع عن التصدي للثوار ودحرهم لم يجد بتفكيره الفذ أفضل من اللجؤ إلى الجمال.
 فكانت وقعة الجحش التأريخية والتي سيخلدها التأريخ على أنها من مظاهر تطور العرب في الصناعات الحربية الثقيلة، يومها انطلقت جموع البلطجية على ظهور الجمال من الجيزة والهرم إلى قلب القاهرة للتصادم مع ثوار التحرير.
 فمن هذا الذي يزعم بعد كل هذا أن هذه الحيوانات غير مكرمة مشرفة مثلما كان أجدادها في ماض العرب القديم؟ ومن ذا الذي ينكر – غيري أنا الحسود- أن هذا الإهتمام والرعاية بالفروسية والبعورية والحمورية والبرذونية والبغولية لا ينشيء أجيالا وفتيانا  فرسانا ومحاربين أشداء كما قال العبسي عنترة:
خُلِقتُ مِنَ الحَديدِ أَشَدَّ قَلباً       وَقَد بَلِيَ الحَديدُ وَما بَليتُ
وَإِنّي قَد شَرِبتُ دَمَ الأَعادي       بِأَقحافِ الرُؤوسِ وَما رَويتُ
وَفي الحَربِ العَوانِ وُلِدتُ طِفلاً       وَمِن لَبَنِ المَعامِعِ قَد سُقيتُ

نسخة إلى حضرة السيد رئيس حزب الجحش في العراق العظيم....سابقا.

No comments:

Post a Comment