Friday, May 17, 2013

نزهة الولهان في بلدان مدار السرطان والبحث عن القيان والغلمان في قصور السلطان ببلد عمان


الأصمعيّ قال: خرج أعرابيّ إلى الحَجّ مع أصحاب له، فلما كان ببعض الطريق راجعاً ُيريد أهلَه لَقِيه ابنُ عمّ له، فسأله عن أهله ومنزله، فقال: أعلم أنّك لما خرَجتَ وكانت لك ثلاثةُ أيام وَقع في بَيْتك الحريقُ. فرَفعِ الأعرابي يديه إلى السماء، وقال: ما أحسن هذا يا ربّ!
تَأْمرنا بعِمارة بيتك وتخرب أنت بُيوتنا.


(ابن بطوطة يزور عمان مرة أخرى عام ٢٠٢٣م )

نتخيل هنا ابن بطوطة يعود للحياة ليمارس هوايته المعهودة في الترحال والسياحة في مختلف بقاع الأرض، وكما زار عمان في عصر ضعف وانكفاء للدولة على نفسها قبل عدة  قرون فإنه يزورها بعد عشر سنوات من الآن ليصف ما سيجدها عليه فدعونا نقرأ مذكراته:

ونزلت عمان من جهة البحر في حاضرتها مسقط وتسمى مسكت ومسكد وما وجدته فيها أمر غريب وشأن أهلها من الدنيا عجيب.
فلقد عهدتها مدينة عربية سكانها عرب كرام مسلمون يعبدون الله، أمّا الآن فلقد نازعتني الشكوك وأخذت بي الظنون كل مأخذ أن صاحب السفينة اللعين قد أنزلني بإحدى جزائر الهند وليس جزيرة العرب فمنذ أن نزلت ميناء المدينة وطفت بالأسواق والحارات وأنا لا ألمح في طريقي ولا أقابل إلا قليل من العرب بل من بقايا العرب.
وملامح الهنود والإيرانيين يمكن ملاحظتها بسهولة على وجوه هؤلاء العرب ويبدو آنهم هجناء من هذا الخليط من الأقوام التي تقطن البلاد.
اكتريت وسيلة للسفر يقودها هندي يتحدث عربية مكسرة في غاية السؤ وقلت له: أريد بلدا توصلني إليه أجد فيه عربا أقحاح يتحدثون العربية وجوههم عربية وصفاتهم حميرية يجلّون الضيف ويكرمونه حتى أسألهم ما حلّ بهذه البلاد وما فاتني من أخبار العباد طوال الفترة المنصرمة فهزّ رأسه معلنا أنه العربي الذي أنشد وأن بلاده روي هي البلاد التي أريد وأردف قائلاً بأنه عماني أصيل من نسل كريم، ويمكن أن يخبرني عن كل ما أسأل وأريد، فأوجست منه ريبة وقلت له ليس على مثلي تنطلي الترهات ويخدعني بأسخف الأقوال أمثالك من الإمعات، فرد علي غاضبا بكلمات وهمهمات لم أتبين ماهيّتها ولا كنهها وأخرج من جيبه ما يقول أنها بطاقة هويّته العمانية، قلت حسبك يا ابن الهندية ما لي حاجة إليك ولا لعربتك وأنا مترجّل عنها فلست أنت من سيدلني على بقايا العرب في هذه البلاد، ونزلت عنه مغضبا و استكملت بحثي في الشوارع والأزقة القذرة حتى لمحت من أحسبه أنه عربي غير هجين عليه أسمال بالية حافي القدمين ينقب بين الأشياء عن علب معدنية مرمية هنا وهناك ويضعها في جونية يحملها على ظهره فبادرته بالسلام فنظر وبسر ثم أعرض وأشاح بوجهه عني مكملا بحثه فتبعته وأعدت السلام وناديته ما بالك لا ترد السلام يا أخا العرب؟
فانفجر ضاحكا وما كنت أحسب أن تبين تلك الملامح المغبرة المكفهرة عن وجه بشوش ضحوك وقهقه وهو يردد: " أخا العرب" …… من أين جئت يا هذا؟
قلت: سلمت عليك ولم ترد السلام وكررته فضحكت علي وما هكذا تصنع العرب حين تلقى بعضها!!
فانفجر ضاحكاً مرة أخرى قابضا بطنه من شدة الضحك، وهو ما هزني وأشعرني بالحرج والغضب في آن معاً، ولكني علمت أنّ هذا الضحك لإستغراب وهذا الإستغراب من هذا الرجل يحمل معه الجواب لكل ما بذهني من أسئلة عن أحوال عُمان.
وتبيّن الرجل ذلك بعد أن فرغ من ضحكه واستهزاءه المكتوم إذ لاحظني صامتا صابرا انتظره ليتكلم!
عندها سألني: من أيّ عصر جئت يا رجل ومن أي بلاد غريبة أتيت؟ فما سمعت كلاما كهذا منذ سنين!
سأقصّ عليك من أمري ذكراً على أن تجيبني على ما أسألك عنه عن حال هذه البلاد وشأن أهلها السابقين!
قال اتفقنا واسأل ما بدا لك.
قلت: عرّفني هذه البلاد!
قال: هيّنا طلبت وسأوجز لك:-

اسم الدولة: عمانستان
اللغة الرسمية: الهندية والأوردو
العملة: الروبية الهندية
الديانة: ٥٠٪هندوس، ٤٠ ٪مسلمين، ١٠٪ ديانات أخرى
العاصمة: مسكاد
أكبر مدينة: روي
رئيس الدولة: براناب سنغ
رئيس الوزراء: راچان كومار
الإستقلال: نالت عمانستان استقلالها بعد نضال عسير قامت به الأقلية الهندية المهاجرة ضد السكان الأصليين من العرب وبدأ ذلك بالسيطرة على دعائم الإقتصاد عن طريق الغش والإحتكار والتجارة بالممنوعات وبمساندة وغطاء سياسي من المسؤوليين السياسيين العمانيين، بعدها وبمساعدة الهند ودول العالم الصديقة للهنود نجحوا هؤلاء في انتزاع حق التمثيل البرلماني، وسريعا استحوذوا على  مقاعد الوزارات الإقتصادية والسيادية في حكومة سلطنة عمان. وبعدها بدأوا مرحلة أخرى من النضال السياسي والمتمثل في محاربة الوجود العربي في المؤسسات الحكومية وما لبثوا أن انتصروا وأعلنوا عن استفتاء في تغيير النظام الأساسي للدولة ليثبت لهم حقهم الشرعي في السيطرة على عمان. وبالفعل جاء الإستفتاء لصالحهم بعد أن امتنع وتغيّب معظم العرب عن التصويت بسبب انشغالهم بالتجهيز لهجرتهم ونزوحهم إلى زنجبار ودول شرق إفريقيا.
الأعياد الوطنية:
٢٦ يناير يوم الجمهورية
١٥ أغسطس يوم الإستقلال
٢-أكتوبر غاندي جايانتي ( يوم ميلاد المهاتما غاندي)
الرياضة الرسمية: الكريكيت
….
..
.
قاطعته غاضبا: سحقا سحقا اصمت قاتلك الله أحقا ما تقول ؟
قال: وهل ما أقول تكذبه عيناك، انظر في الشوارع ونقّب في الأزقة، وإن شئت اذهب لأعماق البلاد حيث الصحاري والجبال ولن ترى فرقاً كبيرا، يا سيدي البلاد استعمرت وأصبح حال العرب أمثالي فيها كحال الهنود الحمر في أمريكا، لا ثقافة ولا هوية ولا لغة ولا أي شيء يمت للعروبة بصلة معترف به أو حتى مسموح بممارسته في بعض الأحيان هنا.

أغاضني ما ذكر حتى أني نويت في الحين السفر، فقلت له إني قد نويت التجول في بلادكم شرقا وغربا وأن أختم زيارتي بالجلوس مع سلطانكم بين غلمانه وقيانه، وربما أنال حضوة لديه ولكن ذلك آنفا أما الآن وقد علمت بحال بلادكم التي لم تعد عربية فسأنهي زيارتي المكوكية وإذا ما زرت الهند بعد حين قد أزورها رغم أن في النفس حرقة ولوعة وفي القلب كمد من حالكم وحال بلادكم.

تانيا بنت شبيب آل سعيد عربون صداقة آل سعيد مع عائلة كيمجي رامداس ذات الأصول الهندية والنافذة في التجارة والإقتصاد العمانيين، إذ هي زوجة ريشي كيمجي رجل الأعمال "العماني" الكبير. لو كان المهلّب يعلم بما ستؤول إليه سلالته في عصر الحثالة قابوس لكان قدّم آله كلهم قربانا في حربه مع الخوارج!