Wednesday, January 18, 2012

رؤيتـنا للتغيــــــ(2)ـــيـــر

لقد سلطت الضؤ في التدوينة الأولى لذات العنوان على المدخل الرئيسي لتغيير الوضع السياسي الراهن في عمان وكما لاحظتم فكل تلك النقاط تخص الشعب.
فالشعب إذا أراد تغيير الحكومة أو لنكن واضحين ونستدرك القول، الشعب إذا أراد تغيير النظام الحاكم فعليه في البداية أن يسلك هو نفسه بأفراده وجماعاته إن كانت هناك ثمة جماعات، عليه أن يسلك مسلك جديد مع السلطان ونظامه في إعادة فهمهم واتخاذ موقف حازم اتجاههم وإلا فلا تغيير سيحدث ولا تغيير مجدي إن حدث سيفي بمطالب الشعب كافة من حرية وعدالة ورفاه اقتصادي. 
تجاوزنا الحديث عن هذا أصلا في التدوينة السابقة فقط رغبت بتأكيد مضمون المحور الأول الذي تضمنته تلك التدوينة بكلام وأسلوب مختلفين لتأكيد وصول الفكرة والتشديد على أهمية معنى أن التغيير ينبع من الشعب أولا. 
إذا كما ترون فقد دفعتكم إلى خيارين أريدهما لا ثالث لهما وهما: تغيير جذري لنظام الحكم ويؤدي إلى انتخاب برلمان يملك السلطة التشريعية وسلطته أعلى السلطات مع فصل القضاء عنه ويكون هذا بعد الضغط على السلطان وموافقته على الخيار بدون شروط معينة لصالحه.
أو إسقاط النظام الحالي غصبا عن السلطان ونظامه الحالي وأيضا إقامة النظام البرلماني المشار إليه في الحالة الأولى.
أعلم أن بعض دعاة التغيير ينادون بدستور تعاقدي وليعذرني جميع هؤلاء على وصفهم بالأغبياء.
لأن هذا المطلب أو الدستور التعاقدي بشكل عام هو ترسيخ شعبي لدكتاتورية الدكتاتور من خلال اعترافه ببعض الحقوق لشعبه واعطائهم بعض السلطات التي يفصلها لهم فيما في المقابل يرفل هو في أثواب الحصانة المطلقة ويتقلب بين  نعيم سلطاته اللامحدودة،  وهذا ما لا يقبله الجميع حتى المنادون بالدستور التعاقدي مهما توقعوا ان هذا لن يحدث ولكنهم لا يملكون غير الموافقة على ما نقول أنهم يريدون الشرعية الشعبية منحة من الدكتاتور وما بني على باطل فهو باطل وما أخذ هبة من الطغاة فلا فائدة منه.
إذ كيف يستجدي المظلوم ظالمه لينصفه من نفسه؟ 
وحتى في الدول التي حاولت تطبيق ما يسمى بالدستور التعاقدي إن صح على حالتها أنه تعاقدي  كما يريد الدعاة لدينا فهي أمثلة حية على ألعن السلطات التي يمكن أن تهين وتحط وتحتقر الشعوب وتعلي من منزلة ذلك الفرد الطاغوتي المتسلط وعائلته فهل يريد هؤلاء أن نكون كالمغاربة وقابوس  أن يكون كأمير المؤمنين أو كالأردنيين وقابوس كحفيد النبي مثلا؟ 


الكلام سهل، وبناء الأفكار سهل أيضا خصوصا إذا رأى القاريء هذا الكلام وأفكاره بأنه أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، ولكن دعونا لا نذهب بعيد فأنا ما طرحته ليس إلا تطمينا للجميع بأن الوضع أو حال البلد لن يضيع إذا ما اضطرنا السلطان وزمرته إلى تصعيد الموقف بمظاهرات وإضرابات واعتصامات جدية مستمرة تطالب بإسقاطه وحكومته.
وأقول ذلك ببساطة لأن البديل سهل التحقق طالما أن الخطوة الأولى  قد تحققت وهي الأصعب، والتي هي وضع السلطة في يد الشعب برضى السلطان أو عدمه.
ولأوضح الفكرة أكثر من المحيط العربي لنا أمثلة حية فليبيا مثلا كانت دولة بلا أحزاب ولا حريات ولا جمعيات مدنية ولا تنظيمات سياسية، بلاد واسعة مترامية الأطراف مملوكة لعائلة وعصابة، وبغض النظر عن كيفية إسقاط ذلك النظام ثوريا؛ أعني بثورة جذرية أم ثورة تصحيحية بغض النظر عن هذا لكن الليبيون ما أن حققوا الخطوة الأولى وهي تقريرهم ذلك وإرادتهم الفعل، ومن ثم سعيهم لإسقاط الدكتاتورية، حتى رأوا أن ما بعد هذا سهل جدا فتوافقوا على أشياء كثيرة وتعاضدوا مع بعضهم على تحقيقها وسلك كلٌ مسار حزبي رآه يُصلح بلده، وهم الذين راهن الكثيرون على أن حربا أهلية ستأخذهم إلى العصور الغابرة أغبر وأسوأ من عصر القذافي نفسه، لكن هذا لم يحدث لأن حراكهم شعبي والحراك الشعبي صعب التحييد والتوجيه بأي اتجاه لا يرضاه الشعب ولأي هدف بعيد عن أهداف الثورة. 
وبعد كل هذا أريد أن أقول أنني أخجل من نفسي كعماني أخجل أمام أشقائي العرب الأشجع مني الذين ثاروا ضد الإستبداد وانتصروا عليه أخجل منهم وأنا ما زلت خانعا منحنيا لسلطة قابوس المستبد أخجل منهم وأنا أراهم ينطلقون من جولة لأخرى في طريق التنمية والحرية والعدالة بقفزات ضؤية وأنا كعماني قامعا منزويا في أقصى الشرق تائها لا أدري ما أفعل!
ومحرج ماذا سأقول لو سألني أحدهم ما منعك أن تثور على طاغيتكم كما ثرنا نحن على طغاتنا، ما منعك أن تثور كما ثرنا أأنت نصف رجل أم لا رجل أم ماذا؟ 
أيها العمانيون إن كنتم عمانيين حقا كما كان آباؤكم، والعمانيون أعز العرب نفوسا وأكرمهم أصولا، شامخين لا تنحني لهم هامة كانوا كرام النفوس لا يبيعون حريتهم بريالات ينشحها عليهم الطغاة، أباة النفوس عظام في الشدائد لا تركع ظهورهم إلا لمن خلقهم وليس لتقبيل يد دكتاتورهم!
إن كنتم من تلك الأصلاب حقا فلا خيار لكم إلا الإنتفاض في وجه ظلم قابوس مرة أخرى ولكن هذه المرة من أجل انتزاع حقوقكم منه وليس استجداءها فهي حقوقكم وليست منحة منه.
وليس الحقوق هي الريالات والوظائف فقط، الحقوق هي الحرية والعدالة أولاً؛ فإذا تحققت فلن يبق شيء على تحقيق الأخرى لأنها 
لا تأتي بشكل كامل ومستحق للشعب إلا من دولة حرية وعدالة.


فاسقطوا سلطانكم يرحمكم الله.



Wednesday, January 11, 2012

رؤيتـنا للتغيــــــ(1)ــــــر

وعدت في التدوينة قبل السابقة ببيان رؤية دعاة التغيير ثم جاءت التدوينة السابقة بلا سابق إنذار قبل هذه؛ وذلك لأن جرائم النظام القابوسي لدينا هي أيضا بلا سابق إنذار.
وإذ أؤكد لكم أني لست متحدثا عن الجميع ولست داعيا لفكر معين هنا، فأنا أكتب لكم لأنني هنا أريد التطمين أكثر من عرض نظريات سياسية أو خطط إدارية وتنموية.
أولا التدوينة لها محورين أساسيين سيدور حولهما الكلام، المحور الأول: هو نقض نظرية راسخة بقوة في المحيط العماني وأعني عامة الشعب العماني، وهي نظرية "قابوس القائد الرشيد".
 وبما أني استهدف العامة بهذا الكلام فأنا لن أغوص هنا في لاهوتيات النخب الثقافية المنعزلة في غالبها عن الشعب واهتماماته.
والمحور الثاني: هو لفت نظر الشعب العماني إلى قضية فكرية وتأريخية تتعلق بارتباطنا وانتماءنا الأقليمي والذي يجب إعادة فهمه لكي نستسيغ الآخر ويستسيغنا الآخر وقبل ذلك لكي نستفيد من القفزة الثقافية الحادثة حولنا فنلتحق بركب أشقاءنا العرب.
غالبية الشعب العماني موجهة ولا تملك تصريف أفهامها وتوزيع انتماءاتها وولاءاتها، وهذا بعد الإعتقاد بأنه قصور علمي وعقلي وثقافي؛ فإنه ناتج عن آلتيّ التعليم والإعلام الحكوميتين بالدرجة الأولى.
وهذه الآلة التعليمية أو تلك الإعلامية الحكومية أولى اهتماماتها كما وضعها قادتها وهم أيدي قابوس الوزارية ومستشاريه من بقايا المستنسخين، هي غرس أنّ السلطان قابوس هو المُخلِّص والمنقذ والقائد والحكيم والسياسي المحنّك و.... في عقول وقلوب الشعب العماني، وكلها في النهاية أصبغت عليه هالة من القداسة  حتى فاقت المطلوب.
وهذا طبعا هو الذي كان مقصودا منذ البداية  وخصوصا مع تظافر جهود التعليم أو بالأحرى التجهيل بالحقيقة والتأريخ في المدارس، وهذه الآلة الإعلامية التي كانت وحتى زمن قريب هي المنفذ الإعلامي الوحيد تقريبا المتاح لهذا الشعب.
أين تأريخ عمان في القرن العشرين عن الكتب والمناهج التدريسية في عمان؟
لماذا طمسه ومعاقبة كل من يذكره أو يثيره؟
بكل بساطة لأنه يحوي الحقيقة التي تشرخ تلك الهالة القدسية المحيطة بقابوس السلطان المعظم.
وكل من وصلت إليه تلك الحقائق التأريخية ويقارنها بالواقع  سرعان ما يكفر بالسلطان وبحكومته وقد يتردد البعض نتيجة لتجاذب فكري بين كل ما تعلمه وأدخل في دماغه والبيئة المحيطة وبين الحقيقة التأريخية العلمية التي وصلته، وما هذا إلا من شدة تأثير الآلتين التجهيليتين الإعلام والتعليم الحكوميتين.
لذلك ولأننا ندعو الشعب لأعادة تصحيح نظرته إلى قابوس؛ فإننا ندعوه كخطوة أولى  وندعو الشباب خاصة ندعوهم أن يعيدوا قراءة تأريخ عمان من مصادره الصحيحة، وهي الخطوة الآولى في تصحيح الفهم والفكر.


السؤال الثاني المطلوب من الشعب النظر والتفكر فيه: أين تذهب أموال وثروات عمان، ومن المسؤول عن تصريفها وتوزيعها؟
كل عماني يعرف أن عمان تملك ثروات طبيعية وموارد هائلة، ولكن الغالبية لا تريد التفكير بعمق أو بمنطقية في أين تذهب هذه الثروات رغم أن الجميع يعتقد أن كلها مملوك للحكومة وبدليل أنه في قناعة العماني البسيط فهو لا يقول المال العام مثلا بل يقول مال الحكومة، ولا يقول الدولة تدفع بل يقول الحكومة تدفع كمثال آخر.
وهذا الأمر الثاني وخصوصا أنه إقتصادي ومادي فهو أدعى لأن يفهمه الناس المتعلقون بالمادة والمتطلعون إليها أكثر من تعلقهم بالحرية والوصول إليها؛ فأحد المفكرين يقول "الإنسان العادي لا يطمح لأن يكون حرا، بل لأن يكون آمنا فقط" ؛  فالأمن الإقتصادي والتأمين على الحياة الكريمة والمعيشة المريحة هو الهاجس الذي تصاعد اليوم ونرجو أن يفهم الشعب - وهو بالفعل في غالبيته في طريقه للفهم الكامل- نرجو أن يفهم من منطلقه أن الحكومة تسرق ثروات الشعب، ولا تريد أن تعطيه حقوقه من هذه الثروات، وكذلك نريد من الشعب أن يفهم أن هذه الثروات ولو أعطي ما يسكته منها فعليه دائما بالتفكير فيها وفي من يسيطر عليها حتى لا يستنزفها ولا يهدرها أو يأخذ منها أكثر من حقه، لأن هذا حاصل في دول مجاورة فصحيح أن الشعوب في بعض الدول هناك تعيش في رفاه إقتصادي ولكن ثرواتها تنهب أيضا وهي مخدرة بالمادة وبأشياء أخرى تمنعها من أن تلتفت لهذا.
السؤال الثالث: ما هي الحكومة ومن هم أفرادها؟
بسبب الظلامية الإعلامية والتعليمية، فإن العماني العادي لا يريد أن يستوعب أن السلطان هو من يعين وزراء حكومته ويرأسها ويعزل هذا ويطرد ذلك حسب سياسته هو وهو فقط، رغم أن غالبية الشعب تفهم ذلك لكن ما تزال هناك عقدة تقبل للأمر واستيعاب أن رئيس الحكومة الفاسدة لا بد أن يكون فاسد بل ولسلطته المطلقة فإنه لا بد أنه هو أساس الفساد، نعم هذا ما نريد للعمانيين أن يتقبلوه وأن يفهموه وإلا فإنهم سيدورون في حلقة مفرغة من الأوهان والتمنيات وسيقودهم إلى التخبط في المطالبات والتطلعات ولقد رأينا كيف حدث هذا بالفعل في الإحتجاجات الماضية.
السؤال الرابع: لماذا لم تكتمل البنية التحتية الأساسية لأغلب المدن في عمان ومن ضمنها العاصمة، ولماذا جزء كبير من تلك البنى المكتملة - كما تصفها الحكومة- هي في الحقيقة غير مكتملة أو إنها لم تبنى بطريقة صحيحة بل بطريقة كارثية في أحيان كثيرة، الشوارع مثالا؟
علىيك أن تسأل نفسك هذا السؤال بعيد عن كل التصورات والتصويرات الإعلامية المغروسة في رأسك، لكن احكم فقط بما تشاهد بأم عينك وما يصلك موثقا، لتعي أن الحكومة التي يرأسها بل يملكها قابوس هي أفسد حكومة في العالم لأنها تتعمد الفساد من أجل الفساد الشعبي وانتشار الجهل وانحطاط الوعي لدى الشعب، ومن أجل المصالح الخاصة للسلطان وزمرته، بينما الحكومات الأخرى فهي تستهدف فقط من الفساد مصالح أصحابها الخاصة.
وتتعدد مظاهر الدلالة على فساد السلطان وحكومته، والمظاهر الدالة على سياسة إفساد وإفقار وتجهيل الشعب التي ينتهجها السلطان وعامة الشعب ترى هذا يوميا في كل تفاصيل الحياة اليومية وخصوصا الإقتصادية؛ لذا لن أضيف أكثر.
والمطلوب الآن أن يعي الإنسان العماني أن سياسات الترقيع والتخدير والتسويف التي تنتهجها الحكومة الموسومة بالإصلاح أو التطوير ما هي إلا كذب وإمعان في الفساد والإفساد. ولا حل إلا بتغيير سياسة الحكم في البلاد وإدارة العباد.
كل هذه النقاط السابقة هي رؤيتنا للتغيير، هي الأمور التي سنستند عليها في بناء عمان الجديدة، لا سلطة مطلقة لفرد، بل السلطة ستكون بيد الشعب عبر برلمان أو مجلس تشريعي منتخب، ولا إهدار للثروات فثروات الوطن ستكون مقدسة وملك كامل للشعب. ذلك سياسيا واقتصاديا وبقية الأمور والمتعلقات تتفرع منها.
في التدوينة القادمة وبعد الحديث عن المحور الثاني فإني سأتطرق إلى الحلول السياسية بكل وضوح.