Wednesday, January 11, 2012

رؤيتـنا للتغيــــــ(1)ــــــر

وعدت في التدوينة قبل السابقة ببيان رؤية دعاة التغيير ثم جاءت التدوينة السابقة بلا سابق إنذار قبل هذه؛ وذلك لأن جرائم النظام القابوسي لدينا هي أيضا بلا سابق إنذار.
وإذ أؤكد لكم أني لست متحدثا عن الجميع ولست داعيا لفكر معين هنا، فأنا أكتب لكم لأنني هنا أريد التطمين أكثر من عرض نظريات سياسية أو خطط إدارية وتنموية.
أولا التدوينة لها محورين أساسيين سيدور حولهما الكلام، المحور الأول: هو نقض نظرية راسخة بقوة في المحيط العماني وأعني عامة الشعب العماني، وهي نظرية "قابوس القائد الرشيد".
 وبما أني استهدف العامة بهذا الكلام فأنا لن أغوص هنا في لاهوتيات النخب الثقافية المنعزلة في غالبها عن الشعب واهتماماته.
والمحور الثاني: هو لفت نظر الشعب العماني إلى قضية فكرية وتأريخية تتعلق بارتباطنا وانتماءنا الأقليمي والذي يجب إعادة فهمه لكي نستسيغ الآخر ويستسيغنا الآخر وقبل ذلك لكي نستفيد من القفزة الثقافية الحادثة حولنا فنلتحق بركب أشقاءنا العرب.
غالبية الشعب العماني موجهة ولا تملك تصريف أفهامها وتوزيع انتماءاتها وولاءاتها، وهذا بعد الإعتقاد بأنه قصور علمي وعقلي وثقافي؛ فإنه ناتج عن آلتيّ التعليم والإعلام الحكوميتين بالدرجة الأولى.
وهذه الآلة التعليمية أو تلك الإعلامية الحكومية أولى اهتماماتها كما وضعها قادتها وهم أيدي قابوس الوزارية ومستشاريه من بقايا المستنسخين، هي غرس أنّ السلطان قابوس هو المُخلِّص والمنقذ والقائد والحكيم والسياسي المحنّك و.... في عقول وقلوب الشعب العماني، وكلها في النهاية أصبغت عليه هالة من القداسة  حتى فاقت المطلوب.
وهذا طبعا هو الذي كان مقصودا منذ البداية  وخصوصا مع تظافر جهود التعليم أو بالأحرى التجهيل بالحقيقة والتأريخ في المدارس، وهذه الآلة الإعلامية التي كانت وحتى زمن قريب هي المنفذ الإعلامي الوحيد تقريبا المتاح لهذا الشعب.
أين تأريخ عمان في القرن العشرين عن الكتب والمناهج التدريسية في عمان؟
لماذا طمسه ومعاقبة كل من يذكره أو يثيره؟
بكل بساطة لأنه يحوي الحقيقة التي تشرخ تلك الهالة القدسية المحيطة بقابوس السلطان المعظم.
وكل من وصلت إليه تلك الحقائق التأريخية ويقارنها بالواقع  سرعان ما يكفر بالسلطان وبحكومته وقد يتردد البعض نتيجة لتجاذب فكري بين كل ما تعلمه وأدخل في دماغه والبيئة المحيطة وبين الحقيقة التأريخية العلمية التي وصلته، وما هذا إلا من شدة تأثير الآلتين التجهيليتين الإعلام والتعليم الحكوميتين.
لذلك ولأننا ندعو الشعب لأعادة تصحيح نظرته إلى قابوس؛ فإننا ندعوه كخطوة أولى  وندعو الشباب خاصة ندعوهم أن يعيدوا قراءة تأريخ عمان من مصادره الصحيحة، وهي الخطوة الآولى في تصحيح الفهم والفكر.


السؤال الثاني المطلوب من الشعب النظر والتفكر فيه: أين تذهب أموال وثروات عمان، ومن المسؤول عن تصريفها وتوزيعها؟
كل عماني يعرف أن عمان تملك ثروات طبيعية وموارد هائلة، ولكن الغالبية لا تريد التفكير بعمق أو بمنطقية في أين تذهب هذه الثروات رغم أن الجميع يعتقد أن كلها مملوك للحكومة وبدليل أنه في قناعة العماني البسيط فهو لا يقول المال العام مثلا بل يقول مال الحكومة، ولا يقول الدولة تدفع بل يقول الحكومة تدفع كمثال آخر.
وهذا الأمر الثاني وخصوصا أنه إقتصادي ومادي فهو أدعى لأن يفهمه الناس المتعلقون بالمادة والمتطلعون إليها أكثر من تعلقهم بالحرية والوصول إليها؛ فأحد المفكرين يقول "الإنسان العادي لا يطمح لأن يكون حرا، بل لأن يكون آمنا فقط" ؛  فالأمن الإقتصادي والتأمين على الحياة الكريمة والمعيشة المريحة هو الهاجس الذي تصاعد اليوم ونرجو أن يفهم الشعب - وهو بالفعل في غالبيته في طريقه للفهم الكامل- نرجو أن يفهم من منطلقه أن الحكومة تسرق ثروات الشعب، ولا تريد أن تعطيه حقوقه من هذه الثروات، وكذلك نريد من الشعب أن يفهم أن هذه الثروات ولو أعطي ما يسكته منها فعليه دائما بالتفكير فيها وفي من يسيطر عليها حتى لا يستنزفها ولا يهدرها أو يأخذ منها أكثر من حقه، لأن هذا حاصل في دول مجاورة فصحيح أن الشعوب في بعض الدول هناك تعيش في رفاه إقتصادي ولكن ثرواتها تنهب أيضا وهي مخدرة بالمادة وبأشياء أخرى تمنعها من أن تلتفت لهذا.
السؤال الثالث: ما هي الحكومة ومن هم أفرادها؟
بسبب الظلامية الإعلامية والتعليمية، فإن العماني العادي لا يريد أن يستوعب أن السلطان هو من يعين وزراء حكومته ويرأسها ويعزل هذا ويطرد ذلك حسب سياسته هو وهو فقط، رغم أن غالبية الشعب تفهم ذلك لكن ما تزال هناك عقدة تقبل للأمر واستيعاب أن رئيس الحكومة الفاسدة لا بد أن يكون فاسد بل ولسلطته المطلقة فإنه لا بد أنه هو أساس الفساد، نعم هذا ما نريد للعمانيين أن يتقبلوه وأن يفهموه وإلا فإنهم سيدورون في حلقة مفرغة من الأوهان والتمنيات وسيقودهم إلى التخبط في المطالبات والتطلعات ولقد رأينا كيف حدث هذا بالفعل في الإحتجاجات الماضية.
السؤال الرابع: لماذا لم تكتمل البنية التحتية الأساسية لأغلب المدن في عمان ومن ضمنها العاصمة، ولماذا جزء كبير من تلك البنى المكتملة - كما تصفها الحكومة- هي في الحقيقة غير مكتملة أو إنها لم تبنى بطريقة صحيحة بل بطريقة كارثية في أحيان كثيرة، الشوارع مثالا؟
علىيك أن تسأل نفسك هذا السؤال بعيد عن كل التصورات والتصويرات الإعلامية المغروسة في رأسك، لكن احكم فقط بما تشاهد بأم عينك وما يصلك موثقا، لتعي أن الحكومة التي يرأسها بل يملكها قابوس هي أفسد حكومة في العالم لأنها تتعمد الفساد من أجل الفساد الشعبي وانتشار الجهل وانحطاط الوعي لدى الشعب، ومن أجل المصالح الخاصة للسلطان وزمرته، بينما الحكومات الأخرى فهي تستهدف فقط من الفساد مصالح أصحابها الخاصة.
وتتعدد مظاهر الدلالة على فساد السلطان وحكومته، والمظاهر الدالة على سياسة إفساد وإفقار وتجهيل الشعب التي ينتهجها السلطان وعامة الشعب ترى هذا يوميا في كل تفاصيل الحياة اليومية وخصوصا الإقتصادية؛ لذا لن أضيف أكثر.
والمطلوب الآن أن يعي الإنسان العماني أن سياسات الترقيع والتخدير والتسويف التي تنتهجها الحكومة الموسومة بالإصلاح أو التطوير ما هي إلا كذب وإمعان في الفساد والإفساد. ولا حل إلا بتغيير سياسة الحكم في البلاد وإدارة العباد.
كل هذه النقاط السابقة هي رؤيتنا للتغيير، هي الأمور التي سنستند عليها في بناء عمان الجديدة، لا سلطة مطلقة لفرد، بل السلطة ستكون بيد الشعب عبر برلمان أو مجلس تشريعي منتخب، ولا إهدار للثروات فثروات الوطن ستكون مقدسة وملك كامل للشعب. ذلك سياسيا واقتصاديا وبقية الأمور والمتعلقات تتفرع منها.
في التدوينة القادمة وبعد الحديث عن المحور الثاني فإني سأتطرق إلى الحلول السياسية بكل وضوح.

No comments:

Post a Comment